the smooth sea will never give the good sailor

the smooth sea will never give the good sailor

Kamis, 16 April 2015

أنكرت النبوة طوائف ذكرها العلماء

  أنكرت النبوة طوائف ذكرها العلماء ، وأهم هذه الطوائف :

" البراهمة ، والصابئة ، وبعض معطلة العرب " ([1]) .

" ومن المنكرين أيضاً من لاح ذلك من على أفعاله وأقواله كالمصرِّين على الخلاعة وعدم المبالاة ونفي التكاليف ، ودلالة المعجزات ، وهؤلاء آحاد ، وأوباش من الطوائف لا طائفة معينة يكون لها ملة ونحلة " ([2]) .

 ومن البراهمة من يرى نبوة آدم فقط ومنهم من قال بنبوة إبراهيم فقط ([3]) .

 وسنتناول بالتعريف كلاً من هذه الفرق وشبههم والرد عليها .


 أولاً : البراهمة :-

هم قبيلة بالهند فيهم أشراف أهل الهند ، ويقولون إنَّهم من ولد " برهمي " ملك من ملوكهم قديم وهم يقولون بالتوحيد إلا أنَّهم أنكروا النبوات ([4]) .

شبهة البراهمة في إنكارهم للنبوة :

1-     قالوا إنَّ ما جاء به النبي إمَّا أن يكون موافقاً للعقل حسناً عنده فيقبل ويفعل ، وإن لم يأت به نبي ، أو مخالفاً له قبيحاً عنده فيرد ويترك ، وإن جاء به النبي ، وإن كان لا حسناً عند العقل ولا قبيحاً يفعل عند الحاجة ، لأنَّ مجرد الاحتمال لا يعارض تنجز الاحتياج ، ويترك عند عدمها للاحتياط .

 2-     قالوا أيضاً إنَّ هناك أفعال أمر بها الأنبياء كأفعال الصلاة من القيام والقعود ، والركوع ، والسجود ، وأعمال الحج نحو التلبية والهرولة والطواف كلها مستقبحة من جهة العقل منكرة ([5]) .

 وقد أجاب " التفتازاني " ([6]) عن هذه الشبهة فقال : " إنَّ ما يوافق العقل قد يستقل بمعرفته فيعاضده النبي ، ويؤكده بمنزلة الأدلة على مدلول واحد ، وقد لا يستقل فيدله عليه ، ويرشده ، وما يخالف العقل قد لا يكون مع الجزم فيدفعه النبي ، أو يرفع عنه الاحتمال وما لا يدرك حسنه ، ولا قبحه قد يكون حسناً يجب فعله أو قبيحاً يجب تركه ، هذا مع أنَّ العقول متفاوتة بالتفويض إليها ، مظنة التنازع والتقاتل ، ومفضٍ إلى اختلال النظام " ([7]) .


فنحن إذاً نسلِّم بأنَّ العقل له قدرة على إدراك ومعرفة الحسن والقبيح في الأمور ، ومعرفة النافع والضار ، ولكن مع ذلك فإن هناك أموراً لا يستطيع الإنسان أن يدركها بمجرد عقله مثال ذلك معرفة أسماء الله ، وصفاته ، وتفاصيل ما أعدّه الله لأوليائه من النعيم في الجنة وما أعدَّه لأعدائه من العذاب ، والعقاب ، كما أنَّ الإنسان لا يستطيع أن يتوصَّل بعقله إلى معرفة المنهج الذي يعيش على ضوئه في الحياة ليصل عن طريقه إلى تحقيق السعادة والاطمئنان .

والذي يدركه الإنسان بعقله يدركه مجملاً فهو لا يستطيع أن يدرك تفاصيل ما جاء به الشرع ، والعقول أيضاً قد تحار في الفعل الواحد الذي قد يشتمل على مصلحة ، ومفسدة في آن واحد فتأتي الشرائع وتبين الصواب فيها وتأمر بما فيه المصلحة ، وكذلك الفعل قد يكون في الظاهر مفسدة ، ولكنه في باطنه يحوى مصلحة لا يدركها العقل فتأتي الشرائع وتبين ذلك .

فمن ذلك يتضح لنا أننا بحاجة إلى الرسل كي نعرف وجهتنا في هذه الحياة ، وعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى لنعبده على الوجه الذي يحبه ويرضاه .

 ونظراً لما لبعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من فوائد عظيمة على البشريـة ، قال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ([8]) .

 أمَّا عن الشق الثاني من الشبهة وهو قولهم إنَّ أعمال الصلاة والحج والطواف وغيرها من الأمور التعبدية مستقبحة من جهة العقل فالجواب عنه : أنّ هذه الأمور التعبدية اعتبرها الشارع ابتلاءً للمكلفين وتطويعاً لأنفسهم ، وتأكيداً لملكة امتثالهم الأوامر والنواهي ، ولعلَّ فيها حكماً ومصالح لا يعلمها إلا الله ([9]) .

ولذلـك فـإنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال – كما رُوي عنه حين قبَّل الحجر الأسود – " والله إنَّى أعلم أنَّك حجر لا تنفع ولا تضر ، ولولا أنَّي رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " .



ثانياً : الصابئة :-

الصابئ : هو التارك لدينه الذي شرع له إلى دين غيره .

 والصابئون سموا بذلك لأنَّهم فارقوا دين التوحيد ، وعبدوا النجوم وعظَّموها ، ولهم مذاهب ينفردون بها ، ويقرون بالصانع وببعض الأنبياء ([10]) .

 ولقد عرف " الشهرستاني " ([11]) الصابئة بأنهم الذين يقرون بالمحسوس والمعقول ، ويقولون بالحدود والأحكام العقلية ، ولا يقولون بالشريعة ولا النبوات ، وبعض الصابئة أقرَّ بنبوة بعض الأنبياء وهما " شيث " و " إدريس " عليهما السلام .

 وقيل لهم صابئة لميلهم عن سنن الحق ، وزيغهم عن نهج الأنبياء وفي اللغة صبأ الرجل : إذا مال وزاغ .

 والصابئة : طوائف فمنهم أصحاب الروحانيات عبدة الملائكة ، ومنهم أصحاب الهياكل وهم عبدة الكواكب ، ومنهم أصحاب الأشخاص وهم عبدة الأوثان ([12]) .

فأصحاب الروحانيات أنكروا بعث الرسل في الصورة البشرية فقالوا " الأنبياء أمثالنا في النوع ، وأشكالنا في الصورة ، يشاركوننا في المادة يأكلون مما نأكل ، ويشربون مما نشرب ، ويساهموننا في الصـورة أناس بشر مثلنا فمن أين لنا طاعتهم ؟ وبأية مزية لهم لزمـت متابعتهم ؟ ([13]) .

ونظراً لأنَّ هذه الشبهة مما أثارها مشركو قريش في إنكارهم لنبوة الرسول صلى الله عليه وسلمفإننا سنرد عليها عند الحديث عن منكري نبوته صلى الله عليه وسلم.


ثالثاً : معطلة العرب :

 وهم أصناف منهم من أقرَّ بالخالق ، وابتداء الخلق ، ونوع الإعادة وأنكروا الرسل وعبدوا الأصنام .

 ومن شبهاتهم : إنكارهم لبعث الرسل في الصورة البشرية ([14]) .

وسنرد أيضاً على هذه الشبهة عند الحديث عن منكري نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن شبهات المنكرين للنبوة بشكل عام شبهة التمسك بالتقليد والتبعيَّة لما كان عليه الآباء والأجداد ، وهذه الشبهة سنرد عليها أيضاً عند الحديث عن منكري نبوته صلى الله عليه وسلم، لأنها من الشبه التي تمسك بها قومه في إنكار نبوته عليه الصلاة والسلام .

ومن الشبه التي أثارها منكرو النبوات أنَّهم طعنوا في معجزات الأنبياء التي يجريها الله على أيديهم ، فقالوا إنَّه قد يوجد مثلها في أهل الشعبذة والمخرفة ، وليس ذلك من دلائل صدقهم ، فكذلك أحكام المعجزات ([15]) .

والردُّ على هذه – كما قال " الماوردي " ([16]) – من وجهين :

أحدهما : أن الشعبذة تظهر لذوي العقول ، وتندلس على الغر الجهول ، فخالفت المعجزة التي تذهل لها العقول .

 الثاني : أن الشعبذة تستفـاد بالتعليم ، فيتعلمها من ليس يحسنها فيصير مكافئاً لمن أحسنها ، ويعارضها بمثلها ، والمعجزة مبتكرة لا يتعاطاها غير صاحبها ، ولا يعارضه أحد بمثلها كما انقلبت عصا موسى حية تسعى ، تلقف ما أفكه السحرة فخروا له سجداً ([17]) .

وهكذا نجد أنَّ ما أثاره أهل الباطل من شبهات في إنكارهم للنبوات ليست سوى شبهات واهية لا تصمد أمام المناقشة الجادة ، والاستدلال العقلي السليم ، وفعلاً فقد جادل الرسل عليهم السلام أقوامهم ، وبيَّنوا لهم وجه الحق والصواب ، إلا أنَّهم أصمَّوا آذانهم عن سماع الحق ، فاستحقوا لذلك عذاب الله .

ولاشك أنَّ بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام من أعظم ما منَّ الله به على عباده ، فالبشرية في أمس الحاجة إلى تعاليم الرسل عليهم الصلاة والسلام الموحاة من عند الحكيم الخبير بما يصلح عباده ، وإنَّه ليظهر لنا هذا الأمر بوضوح في عصرنا الحاضر ، الذي بلغت فيه البشرية ذروة التقدم المادي في جميع مجالات الحياة ، واغترَّ البشر بعقولهم فرفضوا تعاليم الأنبياء ، وأقاموا دولهم على الإلحاد تحت ستار " العلمانية " و " العقلانية " وغيرها من المذاهب الباطلة التي تمردت على شرائع الله ، وأنكرتها فـإن نظرة واحدة على أحوال هذه الدول المتحضرة مادياً ، تدلنا على مدى شقائهم ، وتخبطهم حيث ظهرت الانحرافات الخلقية في تلك المجتمعات وتردت إلى أبشع صورة مما لا يكاد يخطر على بال أحد ، وما ذاك إلا لبعدهم عن منهج الله .

 فنحن إذن بحاجة إلى رسالات الرسل لصلاح قلوبنا ، وإنارة نفوسنا واستقامة حياتنا ، لئلا ننحرف فنقع في المستنقع الآسن لا سمح الله .





([1])   العقيدة في ضوء القرآن الكريم ، ص259 .

([2])   شرح المقاصد ، ص129 .

([3])   الإيجي : المواقف ، ص344 .

([4])   الفصل في الملل والأهواء والنحل ، 1/137 .

([5])   انظر شرح المقاصد ، ص129 ؛ شرح الأصول الخمسة ، ص563-566 ؛ الإرشاد ، ص303-305 ؛ المواقف ، ص345 .

([6])   التفتازاني هو : مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني من أئمة العربية والبيان والمنطق ، ولد بتفتازان من بلاد خراسان ، وتوفي بسمر قند سنة 793هـ ، ومن مؤلفاته " تهذيب المنطق " ، و " مقاصد الطالبين " ، و " المطول في البلاغة " . انظر ترجمته في الأعلام ، 7/219 .

([7])   شرح المقاصد ، ص129 .

([8])   سورة آل عمران : بعض آية : 164 .

([9])   انظر شرح المقاصد ، ص130 ؛ شرح الأصول الخمسة ، ص563-565 ؛ الإرشاد للجويني ، ص303-305 ؛ مجموع الفتاوى ، ج19/93-96 ؛ مفتاح دار السعادة ، ج2/2 ؛ لوامع الأنوار البهيَّة ، 2/256 .

([10])   اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ، ص143 .

([11])   محمد بن عبد الكريم أبو الفتح الشهرستاني ، ولد في شهرستان عام 479هـ من كتبه : الملل والنحل ، ونهاية الأقدام في علم الكلام ، توفي ببغداد عام 548هـ . انظر ترجمته في وفيات الأعيان ، 1/482 .

([12])   الملل والنحل للشهرستاني ، 2/504 .

([13])   نفس المصدر السابق ، ص7 .

([14])   نفس المصدر السابق ، ص235 .

([15])   أعلام النبوة للماوردي ، ص25 .

([16])   الماوردي : أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي ، ولد بالبصرة عام 364هـ ، صاحب مصنفات كثيرة منها : التفسير ، والأحكام السلطانية ، توفي عام 450هـ . انظر ترجمته في الأعلام للزركلي ، ج4/327 .

([17])   أعلام النبوة ، ص25 .

Related Posts:

0 comments:

Posting Komentar

Popular Posts

Categories

Visitors

75,242
Diberdayakan oleh Blogger.